عُوتب ادم عليه السلام…ولم تعاتب حواء
عُوتب ادم عليه السلام…ولم تعاتب حواء
بقلم: أ. رائد بدير
عضو هيئة العلماء في فلسطين ومدير مركز ادم ومدير موقع شرعي
سأخاطب الزوج، وسأسمعه كلاما قد لا يجده عند غيري، سأبين للزوج لماذا يجب عليه أن يهتم بزوجته؟ ولماذا يجب عليه أن ينمي مشاعر الحب والود تجاه زوجته؟ وسأعلم الزوج المكانة التي حظيت بها الزوجة عند الله تعالى. فأقول أولا أن الله تعالى لا زوجة له ولا ولد كما جاء في سورة الجن الآية 3 ﴿ وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا ﴾ ، ولكنه خلق ادم وخلق حواء ،واسكنهما في جنته ونهاهما عن شيء واحد فقط لا غير لا يقربا شجرة معينة مخصصة معلومة بالكنه والوصف. قال سبحانه وتعالى في سورة الأعراف الآية 19﴿ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ . عاشت هذه الأسرة الآدمية برغد وهناء تسرح وتمرح في الجنة، وتاكل من حيث شاءت رغدا دون هم أو كرب إلى حصلت الحادثة التي سببت في هبوط ادم وزوجته إلى الأرض. قال تعالى في سورة الأعراف ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ 20 وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ 21 فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ 22 قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ 23 قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ 25﴾ . والآن انتبه معي لأبين لك شيئا عجيبا. الله تعالى يقص علينا ويخبرنا أن الشيطان- لعنه الله تعالى- وسوس لآدم ووسوس لحواء، وان الشيطان دل ادم على أن يأكل من الشجرة وكذلك دل حواء، والشيطان اقسم لأدم أن في أكله من الشجرة منفعة ومصلحة واقسم لحواء، وان سوءة ادم بدت بعدما أكل من الشجرة وكذلك سوءة حواء، وان الله تعالى نادى ادم ونادى حواء، وان ادم طلب التوبة وكذلك حواء، انتبه إلى النص القرآني في سورة الأعراف وفي غيرها من السور أن الصيغة التي أعلمنا الله تعالى بهذه القصة عن ادم وحواء هي صيغة المثنى دون ان يذكر حواء منفردة على الإطلاق فقال تعالى مثلا” يا ادم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا…” وقال أيضا” ولا تقربا” وقال أيضا” فتكونا..” وقال أيضا ” فوسوس لهما” وقال أيضا ” وناداهما” وقال أيضا ” أنهكما” …الخ من النصوص القرآنية التي تبين بوضوح أن الله تعالى وجه الخطاب بصيغة المثنى ولم يذكر حواء منفردة على الإطلاق. بل على العكس تماما ذكر ادم منفردا في مواضع متفرقة في القران الكريم استمع إلى الايات من سورة طه مثلا قال تعالى﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا 115 وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى116 فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى 117إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى 118 وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى119 فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى120 فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى121 ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى122﴾ . انتبه إلى النص القرآني وهو يقول ” فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ ..” انتبه إلى النص القرآني وهو يقول:” وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا” انتبه إلى النص القرآني وهو يقول :” وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى121 ثُمَّ اجْتَبَاهُ…”. لم تذكر حواء منفردة لا في النسيان ولا في المعصية ولا في الوسوسة ولا في أي شيء على الإطلاق، انما الذي ذكر هو ادم عليه السلام ، وغض الطرف عن حواء منفردة… ليس من السهل ان يعلن في القران الكريم ان ادم عصى ربه فغوى…ليس من السهل أن يعلن في القران الكريم ان ادم نسي ولم يكن له عزما….ليس من السهل ان يفرد القران الكريم في بعض المواضع ادم بان الشيطان وسوس إليه….انتبهوا إلى عظمة الله تعالى في قصه علينا القصص، انتبهوا إلى عظمة الله تعالى في تكريم حواء انه التكريم ما أعظمه من تكريم .
ادم غنم أشياء كثيرة …وغرم أشياء كثيرة انه العدل المطلق أنها العدالة المطلقة..تصفحوا بين دفتي المصحف لن تجدوا اية واحدة تعاتب حواء منفردة باسمها مع أنها شاركت زوجها ، إلا أنكم ستجدون ادم منفردا باسمه في مغانمه ومغارمه، ذكورة ادم لم تمنعه أن يتحمل العتاب كل العتاب…قوامة ادم هي التي حملته هذا العتاب وتبعات الخطأ ..انها قوامة التكليف لا قوامة التشريف…إنها قوامة المغارم لا قوامة المغانم…انها قوامة الإيثار لا قوامة الأنانية…انها قوامة الصفح والعفو لا قوامة العتاب والحساب…انها قوامة التكريم والدلال ..لا قوامة الامتهان والرق…سبحان الله الواحد الأحد الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ..سبحان الله الذي قص علينا قصة البداية ..قصة ادم وحواء …سبحان الله الذي كان هو الحاكم والأمر في الأحداث التي حصلت مع الأسرة الآدمية الأولى …سبحان الله تعالى الذي قضى على ابليس بالطرد واللعنة إلى يوم القيامة….سبحان الله تعالى الذي حمّل ادم مسؤولية الأحداث بصراحة مع انه تاب عليه …سبحان الله تعالى الذي جنّب الصراحة في تحميل حواء أية مسؤولية ….سبحان الله تعالى العدل الذي كرم المرأة من اللحظة الأولى …سبحان الله تعالى الذي عزز وكرم الزوجة منذ اللحظة الأولى.
أيها الزوج على نمط المحكمة الربانية الأولى للأسرة الآدمية الأولى سيكون الحساب ويكون العتاب. انتبه إلى مغانم الذكورة ومغارمها……..انتبه إلى مغانم القوامة ومغارمها….. انتبه مغانم الأنوثة ، كم غنمت الأنثى ولا أقول كم غرمت الأنثى..والله إني لألمس هذا في الأحكام الفقهية التشريعية فالمرأة على سبيل المثال مكفية المؤونة في جميع مراحل حياتها فإذا كانت بنتا فنفقتها على أبيها ، وإذا كانت زوجة فنفقتها على زوجها، وإذا كانت إما بلا زوج فنفقتها على ابنها، وإذا كانت أختا بلا ابنا أو زوج فنفقتها على أخيها، وان لم يكن احد من فروعها أو أوصلها انتقلت إلى الحواشي من اقرابائها، وعليك ان توفر لها المسكن الشرعي في جميع مراحل حياتها بنتا وزوجة واما وجدة من ميلادها إلى مماتها، وعليك كسوتها من ميلادها إلى مماتها، وعليك ان تدفع لها مالا اذا اردته زوجة كمهر لها ، ولا شيء عليها ابدا ومع ذلك عند تقسيم المال تاخذ نصفه اذا كانت واحدة مع اخيها، وبالحساب البسيط لا شيء عليها وتأخذ نصف المال في الميراث ، مع ان أخيها غرم كل شيء . فهي الرابحة الغانمة دون ان تكون غارمة لاي شيء..يجب أيها الزوج يجب أن تدرك هذه المعاني …ان للأنوثة مغانم يا ليتك تدركها فتقترب من زوجتك وتنمي صلتك بها فان الذي اعزها وكرمها هو الله عز وجل. ايها الزوج انظر ثم اذا كانت زوجتك أُما لولدك فالجنة تحت أقدامها لا أقول بين يديها ولا في قلبها ولا على رأسها بل تحت أقدامها …اني المس تكريم الأنثى وتعزيز مكانتها منذ اليوم الأول الذي تشكلت فيه الأسرة الآدمية . أيها الزوج عليك بزوجتك وأم أولادك بعدما أدركت مكانتها لا تغتر بذكوريتك ولا بقوامتك واغتنم انوثية زوجتك ونمي مشاعر الحب والود تجاهها فان الجنة تحت أقدامها وليست الجنة تحت أقدامك…فالتمسها هناك …تحت قدميها…انظر إليها هناك تحت
قدميها…..