وقف الدعوى
وقف الدعوى معناه، عدم السير في إجراءات المحاكمة، ويتوقف السير فيها إلى اجل غير مسمى، ويكون هذا الأجل مرتبطا بحدوث أمر آخر في غالب الأحيان.
يختلف وقف الدعوى عن إسقاطها في آثار في كل منهما، إذ إن آثار وقف الدعوى في مصلحة الخصوم أكثر من الإسقاط[1] بالإضافة إلى أن أسباب الإسقاط غير أسباب وقف الدعوى.
ويختلف وقف الدعوى عن تأجيلها بان التأجيل يكون لأجل محدود ومعلوم، وغالبا يكون التأجيل لفترة معقولة ولأسباب غير أسباب الوقف، أما وقف الدعوى فأسبابه مختلفة، والأجل في الدعوى غير محدد بالضبط، ويضاف إلى ذلك أن الخصوم لو استمروا بطلب التأجيل فقد لا تجيبهم المحكمة لذلك فيتضررون بسبب عدم التأجيل.
ووقف الدعوى نوعان ، وقف من قبل الخصوم، ووقف تقوم به المحكمة .
أولا: وقف الدعوى من قبل الخصوم:
المدعي في الدعوى لا يجبر على الخصومة، والمدعي من ” إذا تّرك تُرك” فيستطيع إذن أن يطلب إسقاط الدعوى أولا، وله كذلك أن يطلب إيقاف السير بها، وخاصة إذا لم تكن تتعلق بحق من حقوق الله سبحانه وتعالى، والمحكمة تجيبه إلى ذلك قبل السير في إجراءات القضية وعدم ترتب حقوق للغير نتيجة هذه الإجراءات، فإذا جاء المدعي وقال: اطلب وقف الدعوى، أو قال اصرف النظر عن دعواي فان على المحكمة أن توقف السير في الدعوى ، ولا يجوز لها رد الدعوى بناء على هذا الطلب.[2]
أما طلب المدعي الذي دفع رسوم الدعوى إيقاف دعواه بعد السير في إجراءاتها فيجوز بعد تحقق الشروط التالية:
- أن لا يتعلق بها حق من حقوق الله تعالى.
- أن لا يكون للخصم ادعاء مستقل عن تلك الدعوى التي هي قيد النظر.
- أن يوافق الخصم على طلب المدعي الإيقاف، فإذا كانا في جلسة واحدة وطلب المدعي إيقاف الدعوى ولم يعترض الخصم أو وكيله الماثل في الدعوى، فان عدم اعتراضه يعتبر قبولا لإيقاف الدعوى.
وجاء في المادة 119 من قانون قرار اصول المحاكمات الحقوقية العثماني ما يلي :-
” يمكن للخصمين في اثناء المحاكمة ان يتتاركا ويؤجلا الدعوى بالتراضي مع بعضهما .. ” انظر قرار استئنافي 260/2003 : ان المادة 119 من قانون اصول المحاكمات الحقوقية العثماني تجيز للطرفين للطرفين المتاركة التاجيل بالتراضي” ( انظر أيضا استئناف 133/99.)
هذه المادة لم تنص على الحد الأقصى لوقف الدعوى وهو أمر ليس حسنا، بل يجب تحديده مدة لتصل إلى سنة مثلا أو أكثر إلا انه يجب عدم ترك الأمور معلقة دون متابعة، فإذا طلب الخصوم وقف الدعوى رجاء الصلح أو التحكيم أو غير ذلك فيجب أن تكون المدة معقولة، وبطبيعة الحال تكون مدتها اكبر بكثير من مدة التأجيل ثم يسمح بتحديدها بعد انقضاء المدة الاولى.
لقد جاء في قرار استئناف رقم 46/2004 ما يلي :-
” المادة 119 من اصول المحاكمات تجيز للطرفين المتاركة او التأجيل بالتراضي ”
ثانيا وقف الدعوى من قبل المحكمة:
توقف المحكمة من تلقاء نفسها سير الدعوى في عدة حالات نجملها بالاتي:
الحالة الاولى :
إذا توقف السير في الدعوى على صدور حكم أو الفصل في مسالة أخرى غير موضوع الدعوى، ولهذه الحالة تطبيقات كثيرة منها:
أ. إذا طعن الخصم بتزوير سند مبرز في القضية من قبل خصمه، فتؤجل الدعوى
إلى وقت ليرفع الطاعن دعوى بالتزوير أمام المحاكم الجزائية، فإذا أتى بإشعار
يثبت انه رفع تلك الدعوى، فان على المحكمة الشرعية أن توقف السير في
الدعوى الشرعية ريثما يصدر حكم المحكمة الجزائية لان الحكم في الدعوى
الشرعية سيتأثر بنتيجة الحكم في الدعوى الجزائية.[3]
ب. في حالة النزاع بين وقفين وادعاء احد الطرفين ملكية العقار الموقوف كما في
الفقرة 2 من الأصول الشرعية وأقام مدعي الملكية دعوى بذلك أمام المحكمة
المدنية – محكمة الحقوق- واتى بإشعار يثبت ذلك فعلى المحكمة الشرعية
وقف السير في الدعوى التي أمامها إلى أن تبت المحكمة المختصة في شان ملكية
العقار.[4]
الحالة الثانية :
إذا توقف السير في الدعوى على أمر يتعلق بذات الخصوم وصلاحيتهم للخصومة القضائية مما يستلزم وقف الدعوى لإجراء أمر آخر ولهذه الحالة عدة تطبيقات:
أ. حالة وفاة احد الخصوم: توقف المحكمة السير في الدعوى ريثما يمثل وكيل أو
أي شخص له صفة مكان المتوفى كأحد الورثة بعد تبليغه ذلك من قبل المحكمة.
وتوقف الدعوى هنا لعدم اتخاذ الإجراءات في غيبة الخصوم.[5]
ب. إذا فقد احد الخصوم أهليته أثناء المحاكمة، فتوقف المحكمة الدعوى ريثما
ينصب شخص آخر يمثله في الدعوى.
ج. إذا كان في الدعوى قاصر توجهت إليه اليمين، فيجب على المحكمة في هذه
الحالة أن توقف سير الدعوى حتى يبلغ القاصر بعد أن تقرر تحليفه اليمين عند
بلوغه سن الرشد[6] ، او عندما تنظر المحكمة في دعوى تتعلق بقاصر عندئذ
يتوجب على هذه المحكمة ادخال المستشار القضائي او الوصي العام فانه يجب
على المحكمة ان توقف النظر في الدعوى حتى اخذ رد المستشار القضائي او
الوصي العام .[7]
د. في حالة ان قررت محكمة العدل العليا كف يد المحكمة الشرعية عن النظر في
خصومة ما بموجب قرار مؤقت ( צו ביניים ) فان على المحكمة الشرعية
ايقاف النظر في القضية حتى تقرر محكمة العدل العليا بهذا الشان بموجب قرار
نهائي .
[1] ففي حالة الإسقاط يحتاج الخصم إلى تجديد الدعوى لا طلب السير فيها كما في وقفها، انظر أصول المحاكمات لأنطاكي ص 435
[2] انظر قرارات استئناف أردنية رقم5م 13940 ورقم 16210 ص 143 ، 149 المجموعة الأولى.
[3] انظر قرار الاستئناف رقم 11843 ص 141 م اولى
[4] انظر فقرة 2 من المادة 2 من الأصول الشرعية الاردنية، وانظر قرار الاستئناف الشرعية الاردنية رقم 12979
[5] يستثنى من ذلك المحاكمة الغيابية بشروطها.
[6] انظر: قرار الاستئناف الشرعية الاردنية رقم 21703 ص 357م2 وانظر ملخص الأصول القضائية لقراعة ص 220
[7] انظر التماس عدل عليا ( בג”צ ) رقم 8906/04