الاعتماد على البينات الخطية كسند في الحكم - شرعي

شريط إخباري
ما هي اليمين المتممة؟   **   ما هي اليمين الحاسمة؟   **   الاعتقاد السائد عند كثير من المحامين و/او المرافعين الشرعيين هو عدم جواز تقديم استئناف الا بعد صدور حكم قطعي ، الحقيقة ان  هذا الاعتقاد خطا   **   اختلاف قضاة الاستئناف في تفعيل المادة السادسة من نظام تأسيس محكمة الاستئناف الشرعية (تشريع فلسطين 1918-1925)   **   طلب الزوج تأجيل الدعوى لتوقع خروجه من السجن بعد شهر من الموعد المحدد فرفضت محكمة البداية طلبه لكن…..   **  

الاعتماد على البينات الخطية كسند في الحكم

 

محكمة الاستئناف توضح بان اعتماد محكمة البداية البينات الخطية الصادرة عن حاكم محكمة مدنية اخرى سندا في تعديل حكم الحكمين جائز ولا ضير في ذلك ان كانت عارية وسالمة من شبهة التزوير والتصنيع وموافقة للأصول

…بسم الله الرحمن الرحيم…

محكمة الاستئناف الشرعيّه العليا

القدس الشريف

                                                   استئناف رقم 76/2007

                                                                             مهر مؤجل

                                                             بداية القدس – أساس– 1471/2003

أمام سماحة القاضي فاروق حسني زعبي

وسماحة القاضي داوود صالح زيني

وسماحة القاضي عبد الحكيم صبحي سماره

 

المستأنف :

بواسطة وكيله المحامي:

المستأنف ضدها:

بواسطة وكيلها المحامي

قـــــــــــرار

القاضي داوود صالح زيني :

كان الطرفان زوجين بعقد شرعي يوم خاصم المستأنف – المدعي , المستأنف ضدها – المدعى عليها أمام محكمة الموضوع ملتمساً بعث الحكمين وفقاً للمادة 130 من قانون حقوق العائلة ومسوغاً ذلك بعدم طاعتها له , دون توضيح , اللهم على حد قوله أنها اتهمته باغتصابها – الأمر الذي أدى الى محاكمته أمام محكمة الأسرة والحكم عليه بسبع سنوات من السجن الفعلي . أما المدعى عليها فأقرّت بالزوجية وتولد الصغيرة , ثم أقرت بلزوم بعث الحكمين ولما بعثت المحكمة من اختاره الطرفان فقد قدم هذان تقريرهما القاضي بالتفريق بين الزوجين وتضمين الزوجة نسبة 90% من أسباب فشل الحياة الزوجية أما الزوج فحُمّل 10% منها . عندها التمست المدعى عليها عزلهما وعدم الأخذ بتقريرهما لعدم نزاهتهما – على حد قولها , وتكليف ىخرين مقامهما ثم أقسمت اليمين الشرعية على صحة أقوالها , وهنا ارتأت المحكمة أن تكلف حكمين آخرين ثم بادر حكم الزوجة الى الالتماس باعفائه من التحكيم فنصّبت المحكمة حكماً مكانه ولما قال الحكمان بالتفريق بينهما وتحميل الزوجة نسبة 80% من اسباب فشل الحياة الزوجية والزوج 20% ارتأت المحكمة أنه لا خلاف بين الطرفين على التفريق وانما على قدر الاساءة وما يترتب عليها من حقوق , لذا فقد حكمت بالتفريق بينهما بحكم طلقة واحدة بائنة صغرى تملك بها الزوجة نفسها . أما بالنسبة لاختلافهما حول نسبة الاساءة المذكورة وحق المدعى عليها في مهرها فقد رأت محكمة الموضوع أن صداق الزوجة حق لها لا يسقط الا بتوفر أحد موجبات سقوطه , ولما أمعنت محكمة الموضوع في مجمل تصرفاتها ومنازعاتهما مع حادثة ” الاغتصاب” المذكورة فقد توصلت الى أن المدعي هو المسبب الوحيد لفشل زوجيتهما , وعليه فقد ارتأت الحكم عليه بكامل مهرها .

ولما استأنف المدعي هذا القرار قررت هذه المحكمة المصادقة على شقّ التفريق وفسخ الشقّ القاضي بشأن المهر واعادة الأمر الى محكمة الموضوع كي تقوم باستيضاح الذنب وماهيته من الحكمين ثم تقضي وفقاً لما ترى في حدود المادة المذكورة . هذا, وقد عللت هذه المحكمة قرارها آنذاك بالقول :” فنحن نرى أن تعيين مسؤولية فشل الحياة الزوجية من قبل مجلس التحكيم ينبغي أن يكون مبنياً على بينة وقائعية صلبة يتبيّنها الحكمان في تقريرهما ثم يدلي بحكمه مقدّراً حجم هذه التبعات في بناء النزاع والشقاق وعندها يترجمها الى مال في حدود مهر الزوجة . أما مجرد القول العام أن كلا الزوجين يتحملان مسؤولية فشل الحياة الزوجية وعليه تحميل الزوجة 80% من مسؤولية الفشل وتحميل الزوج 20% من تلك المسؤولية من غير تبيان الذنب وماهيته فهذا قول عام لا يعول عليه , ذلك لأن على مجلس التحكيم أن يبين كيف بلغ استنتاجاته ليُرى ما اذا كانت تتسق مع الوقائع أم لا , ثم انه لا يخفى أن المجلس قد يرى تصرفاً ذننباً بينما هو ليس كذلك وفقاً للمعايير الشرعية , وفي مثل هذا الحال فان المجلس لا يدع لمحكمة الموضوع , ثم لدرجة الاستئناف أي مجال للنظر فيما اذا أصاب المجلس في حكمه أم اخفق . لذا ولما حمّل هذا المجلس الزوجة قدر 80 بالمئة من الابطال , وزاد على ذلك المجلس الأول , فانه لا يستساغ في مثل هذا الحال افتراض الأصل وهو أن المهر للزوجة ما لم يكن هناك ما يثبت خلافه لأن قدر الذنب المشار اليه من غير سند يستدعي عدم الرجوع الى الأصل لورود الافتراض بأن الحكم كان لهما ما يصلح اعتماده سنداً , الأمر الذي يتطلب اعادة الدعوى الى محكمة الموضوع لتستوضح من الحكمين ما هو الذنب الذي قدراه بثمانين بالمئة , ثم تزن الأمر وفقاً للاصول في حدود المادة 130 المذكورة حيث أنه ليس واضحاً لنا من عمل المجلس أهي حادثة ” اغتصاب ” ثم الحكم على الزوج بالسجن التي كانت سبباً في اندلاع النزاع والشقاق . أم أنها كانت احدى نتائج النزاع والشقاق الذي كان قد اندلع قبلها ؟! ألا ترى أنه قد تكون هذه حلقة مما يترتب عليه النزاع , وليست بالضرورة أصله وأساسه , ولمّا غمّ الأمر علينا لعدم ايضاحه من المجلس فانّ العدل يوجب التقصّي والتحقق”.

قدم الحكمان الى المحكمة مذكرة توضيح قالا فيها انه :” قد تبيّن لنا أنّ السبب الرئيسي لفشل استمرار الحياة الزوجية هو شكوى ضد الزوج باغتصابه لها الأمر الذي أدّى الى سجنه سبع سنوات منها ست سنوات فعلية وسنة واحدة مع وقف التنفيذ , فقد اتهم الزوج من قبل الزوجة بمعاشرتها دون ارادتها كما ادعت . في حين أنّ المعاشرة هي حقّ شرعي للزوج , مع أننا لسنا مع أننا لسنا مع المعاشرة دون رضا الزوجة ( مع أنه لم يقم الدليل الشرعي على ذلك ), الا أن هذا الأمر لم يكن يستوجب الشكوى ضد الزوج والحكم عليه بالسجن مدة ست سنوات فعلية , الأمر الذي يضيع معها زهرة سباب الزوج في السجن “. ثم قالا : انّ الفتوى الشرعية الصادرة عن مفتي القدس             لتؤكد وتزيد قناعتنا بالنسبة التي حددناها في تحميل نسبة الاساءة , خاصة وأن هذه الفتوى تبيّن بشكل جليّ حق الزوج في الاستمتاع بزوجته تطبيقاً لسنة الله في كونه ومن أجل الوصول الى العفاف وعدم الوقع في الكبائر “. ( الصفحة الثانية من المذكرة).

أما المحكمة , وبعد تدقيقها في بيّنات المدعى عليه الخطية التي قدمتها )( قرار استئنافي   /   , قرار مركزية القدس     /     , اتفاقية مصالحة جرت بينهما , التقارير الطبية ), رأت أنّ الحكمين قد جانبا الصواب في تحميلها هذه النسبة من الذنب فحكمت لها بمهرها المؤجل كلّه , وقدره خمسة آلاف دينار أردني أو ما يعادلها الشاقل الاسرائيلي مربوطة بجدول غلاء المعيشة حتى الأداء.

عاد الينا المدعي ليستأنف هذا القرار مدعياً بلسان وكيله أن محكمة الموضوع كانت قد اخطأت في حكمها نظراً لعدم اطلاعها على تعقيبه بشأن التقرير الذي كان قد قدّمه لها , كما أخطأت في عدم الأخذ بتقرير الحكمين , ذاك أنّ مهمة القاضي مقتصرة على التصديق على حكمها , وفي حال عدم قناعتها بتقريرهما فانه ينبغي تكليف هيئة حكمية أخرى . هذا, وقد عرض المستأنف الى مسالة اتهامه بالاغتصاب والضرب ليدلّل على عدم ثبوت هذه الادّعاء شرعاً ,وأنه لا اغتصاب بين وزوجته في شرعنا الحنيف مستشهداً بأقوال بعض الفقهاء , وقال ان المحكمة قد أخطأت في اعتماد البينات الخطية سنداً لحكمها , ذلك لأنها قدمت خلافاً للأصول ولم يتسنّ له الردّ عليها . وعليه فانه يلتمس قبول استئنافه وفسخ القرار المستأنف مع تضمين المستأنف ضدها المصاريف والأتعاب.

ردّت المستأنف ضدها بلسان وكيلها بأن هذا الاستئناف واجب الردّ, لأنّ القرار المستأنف موافق للأصول , حيث تحققت المحكمة من عدم تقديم المستأنف تعقيبه حول التقرير , وانْ كان قد قدّمه فكان بعد المدة المضروبة له , ناهيك عن أنه لا أثر له على اقامة العدل . وقال انّ الأصل هو استحقاقها لمهرها , وان من واجب المحكمة نقض حكم الحكمين ان خالف الأصول , لذا فانها أصابت في حكمها باستنادها الى وقائع ثابتة بأن المستأنف يتحمل المسؤولية الكاملة في فشل الحياة الزوجية .

هذا وقد عرضت المستأنف ضدها الى البينات الخطية التي كانت قد قدمها لتدلل على أن القرار المستأنف كان قد بني على أسس وأدلة ثابتين , وأنه لا يعيبهما شيء. ثم التمس ردّ هذا الاستئناف مع تضمين صاحبه المصاريف والأتعاب .

أما هذه المحكمة فترى أنّ هذا الاستئناف يتمحور في بعض المسائل التي تستلزم الوقوف عندها : أما الأولى فهي الادعاء بأنّ محكمة الموضوع كانت قد أصدرت حكمها المستأنف من غير أن تطّلع على تعقيب المستأنف بشأن توضيح الحكمين لتقريرهما . والحقيقة أننا لم نجد نسخة عن تعقيب المدعي في الملف الأساس , ويبدو أنّ سبب ذلك عائد الى أن وكيله كان قد أخطأ في تدوين رقم الملف , حيث لاحظنا من التعقيب الذي أبرزه أمامنا والمقدم الى محكمة الموضوع يوم 18/5/2006 , أنه بدلاً من تدوين رقم الملف موضوع الدعوى , فقد دوّن رقم دعوى نفقة بين الطرفين 2672/2002 , لذا فانه لا يلومن الا نفسه . علاوة على ذلك فان ردّه على تقرير الحكمين الموضّح لا يؤثر على النتيجة , خاصة وأنه كان قد أعرب عن موافقته على التقرير الاصل , وأنه لم يثر أية ادعاءات جديدة بعد التوضيح . أما الثانية وهي الادعاء بأن مهمة القاضي مقتصرة على تصديق تقرير الحكمين , فنقول انّ هذه المحكمة قد بيّنت في العديد من قراراتها أنّ حكم الحكمين قابل للنقض من قبل القاضي ان لم يكون موافقاً للأصول الشرعية , فله أن يفسخه ويعيد الأمر اليهما أو الى غيرهما , وله أن يُعدّله ان رأى أنّ العدل يستلزم ذلك .( قرارات استئنافية رقم 103/1995 , 265/1998 , 135/1999 , 81,76/2000). أما الثالثة فهي الطعن في اعتماد محكمة الموضوع البينات الخطية سنداً لحكمهما , فما يلاحظ أنّ محكمة الموضوع حين عدّلت حكم الحكمين , فانّ من بين ما اعتمدته هو ما قالته هذه المحكمة في القرار الاستئنافي رقم 108/2006 , ولا نرى ضيراً في ذلك , حيث أنّ الاعلام والسند الصادرين من حاكم محكمة يجوز الحكم والعمل بمضمونها وان كانا عاريين وسالمين من شبهة التزوير والتصنيع وموافقين لأصولهما ( المادة 1821 من المجلة ). فما قيل في القرار الاستئنافي مخالف لقول الحكمين في تقريرهما الموضّح . ذاك ان الحكمين قد بيّنا في تقريرهما أنّ السبب الرئيسي لفشل الحياة الزوجية هو اشتكاء الزوجة باغتصابها زوجها الذي ادّى الى سجنه ست سنوات مع أنّ المعاشرة هي حقّ شرعي له , داعمين رأيهما بفتوى مفتي القدس الشريف . أما نحن فقد خلصنا في القرار الاستئنافي رقم 108/2006 الى أن القرائن التي وردت في قرار مركزية القدس لتدل دلالة واضحة على أنّ تصرفات المستأنف تجاه المستأنف ضدها كانت غير مشروعة , مما يجعل ادعاءه بالنشوز وعدم استحقاقها للنفقة مردوداً . وانه ليحسن أن ننقل ما قيل حرفياً كي تكتمل الصورة وهو ما يلي :” بقي أن نعرض الى تساؤل المستأنف عن كيفية توصّل محكمة الموضوع الى الاستنتاج بأنّ ادانته بالاعتداء كانت اعتماداً الى اقراره , فنقول انه بعد الرجوع الى قرار المحكمة المركزية , فقد تبيّن لنا أنّه في احدى الحوادث اتّهم المدعى عليه بضرب الدعية على رأسها بالحائط وهي حامل , وفي حادثة ثانية اتهم بمضاجعة المدعية جبراً , بعد أن رفضت معاشرته لكونها كانت حائضاً . وفي حادثة ثالثة قام بضربها ومعاشرتها رغم معارضتها , وفي حادثة رابعة اتهم بالاعتداء عليها , حيث أطفأ سيجارة في شفتها السفلى , حين رفضت سكب الماء بعد استعماله المرحاض . كما اتهم بضربها على رأسها بعد رفضها خلع نعليه , ولما رفضت مسامحته قام بالبصق داخل فمها . ولما أدين المدعى عليه بهذه الاتهامات التي نسبت اليه , وقبل الحكم عليه بالعقوبة عبّر المدعى عليه أمام المحكمة عن ندمه , حيث قال انه قد تعلّم العِبَر جيداً , وأنه يتحمل المسؤولية ويعي مدى خطورة أفعاله و وأنه يدرك اليوم ان الحياة الزوجية مبنية على الاحترام المتبادل والتفاهم والاتفاق . فمع أنّ المدعى عليه لم يقرّ صراحة بتفاصيل هذه الأفعال الخطيرة والمشينة , الا أنّ ندمه هذا يدلّ دلالة واضحة على أنّ هناك ما يندم عليه من تصرفات غير مشروعة , مما يجعل ادعاءه بالنشوز وعدم استحقاق المدعية للنفقة مردوداً لا محالة “.

من هنا نرى أنّ الحكمين يعزوان فشل الحياة الزوجية بشكوى الزوجة بالاغتصاب , الا أنّ ما بدا في القرار الاستئنافي أنّ السبب هو أبعد بكثير من ذلك , فهو الضرب والاهانة والاذلال وعاشرة الزوج زوجته وهي حائض . ولما كانت محكمة الموضوع أمام خيارين , اما ان تأخذ بما قاله الحكمان وأما أن تتبنى ما قيل في القرار الاستئنافي فآثرت الثاني على الأول فقد أصابت في ذلك . وتجدر الاشارة الى أن هذه المحكمة حين ارتأت قبول ادعاءات المستأنف ضدها في قرار مركزية القدس , فانها فعلت ذلك اعتمادا الى القرائن التي وردت هناك , والتي تعتبر سبباً من أسباب الحكم في أحكام شرعنا الحنيف . هذا , ولا بدّ من الذكر أنّ فتوى مفتي القدس الشريف التي اعتمدها الحكمان ليسندا حكمهما تختلف كليا عن الوقائع في الحال المطروح أمامنا , حيث لم يرد فيها أيّ ذكر لما ادعي أمامنا من ضرب واهانة ومعاشرة أثناء الحيض وغير ذلك .

بناءً عليه , فاننا نقرر رد هذا الاستئناف والزام المستأنف أن يدفع للمستأنف ضدها لقاء مصاريف وأتعاب مبلغ ألفي شاقل جديد مع الربط بجدول غلاء المعيشة حتى الأداء .

تحريراً في 30/5/2007م.

 

 

   القاضي                     القاضي                         القاضي

فاروق حسني زعبي     داوود صالح زيني     عبد الحكيم صبحي سماره

 

 

 
انتباه : لا تعتبر المادة المنشورة في الموقع ولا بأي حال من الاحوال مادة استشارية قضائية ولن تكون المادة بديلاً للأستشارة القانونية والقضائية ...... كل من يستعمل المواد المنشورة في الموقع بأي طريقة فالمسؤولية كلها تقع على مستعملها ولا تكون لأدارة الموقع اي مسؤولية ولا بأي شكل من الاشكال