الفقهولوجيا
تحدثت قبل اكثر من 15 سنة عن تغيير مناهج تعليم الشريعة الاسلامية في الجامعات والكليات الاسلامية، وقلت حينها يتوجب تغيير شروط قبول طلاب الشريعة الاسلامية ويتوجب تغيير المناهج ومن ثم فتح تخصصات شريعة اسلامية ابتكارية تتماشى مع العصر والا لأصبح الفقهاء بعد 20 سنة في معزل عن الناس وعن الكرة الارضية وعن الكواكب الاخرى ، ولعاشوا عيشة بدائية معزولة عما يجري من حولهم من تغيرات في العالم في سائر العلوم والمعارف وتصرفات الناس وسلوكياتهم. واصبحوا لا يكادون يفقهون قولا .نحن بأشد مسيس الحاجة الى “الفقهولوجيا” ويمكن ان اعرفه انه عبارة عن الاحكام الشرعية الفقهية التي جاءت لتجيب عن كل التطورات في عالم التكنولوجيا, بل وتستبقها, وهذا يقتضي تناول مصطلحات كان متعارف عليها قديما استندت الى افهام لغة خطاب في واقع معين. يقتضي ” الفقهولوجيا” الى اعادة تعريف هذه المصطلحات من جديد بما يتناسب مع الواقع.
شاركت في مؤتمر فقهي طبي يتعلق بالتبرع البشرية واستمعت الى كبار الاطباء في العالم واستعرضوا ما هو ات في عالم الطب من اكتشافات ، ثم كنت في عديد من المعارض التكنولوجية الحديثة، ثم كل يوم في الصباح اتصفح المواقع التي تتحدث عن براءات الاختراع والتطورات فالعالم وشكله وملامحه سيتغير فجأة في كل شيء ، وربما دولة مثل السعودية اعدت خططا 20/20 وخطة 30 /30 لأنها تدرك ان ما تركن اليه من مقدرات الدولة سيصبح بعد فترة وجيزة لا قيمة له.
في عالمنا المعاصر ما هو تعريف ” مجلس العقد” ؟ ما هو تعريف اتحاد المجلس؟ ما هو تعريف ” الخلوة” ؟ ما هو تعريف ” الجيران” ؟ ما هو تعريف ” العقود” ؟ ما هو تعريف النقود” ؟ ما هو تعريف الفقر والغنى؟ ما هو تعريف ” الامي” ؟ ما هو تعريف ” الام بالرضاعة” حيث يمكن تنشيط هرمونات الحليب في ثدي المرأة دون حمل ويمكن منها ارضاع صغير دون الحولين” ؟ ما هو تعريف السرقة؟ ما هو تعريف القتل العمد؟ ما هو تعريف السفر؟ ما هو الاجهاض؟ وما هي الحياة ؟ ما هو الجهاد ؟ كل ما ذكر في الكتاب والسنة على سبيل العموم واجتهد الفقهاء في تعريفه ويحتمل التغيير لا بد ان يتغير .
تحدثوا اليوم صباحا في وسائل الاعلام ان الكتابة ستنتقل الى الشاشة بمجرد التفكير وهذا يقتضي البحث في الاحكام المترتبة على هذا النوع من الكتابة ” فان فكر الرجل في امر ما فظهر ما يفكر به على الشاشة فهل نعمل قاعدة ” الكتاب كالخطاب ” ام انه يتوجب ايجاد قواعد فقهية جديدة للتعاطي مع الواقع؟
كيف يمكن ان نتعاطى مع ثورة هائلة من التغيرات التي ستحدث في العالم خلال السنوات القادمة واهل الفقه والعلم لا يحدثون ثورة فقهية في تغيير المناهج وتغيير شروط قبول طلاب الشريعة.
ان المواصفات التي تضعها الجامعات في قبول طلاب الطب وطلاب الهندسة الالكترونية ينبغي ان تتوفر في كليات شريعة خاصة ,كليات شريعة يتعلم فيها علماء المستقبل علوما تتعلق في الفقه والطب والتكنولوجيا المعاصرة بحيث يتخرج الفقيه من هذه الكليات لزمان يعيش فيه على ايدي متخصصين في شتى العلوم وليس الفقه فقط ليدرك واقعه الجديد المعاصر.
ان معظم خريجي الفقه الاسلامي يعيشون في زمان مختلف عن هذا الزمن مما جعل العلوم الاخرى تسبق العلوم الشرعية وهنالك الاف المسائل في علوم الاقتصاد والطب والتواصل والمعرفة لا اجابات عليها شرعية واضحة.
اذا مرت 10 سنوات دون ان تقوم كلية ” الفقهولوجيا” سنعيش نحن اهل العلم في عزلة عن الناس وفي زمان غير زمانهم وان كانت أجسادنا حاضرة بينهم.