القيود في القانون الاسرائيلي على احكام الطلاق في الفقه الاسلامي - شرعي

شريط إخباري
ما هي اليمين المتممة؟   **   ما هي اليمين الحاسمة؟   **   الاعتقاد السائد عند كثير من المحامين و/او المرافعين الشرعيين هو عدم جواز تقديم استئناف الا بعد صدور حكم قطعي ، الحقيقة ان  هذا الاعتقاد خطا   **   اختلاف قضاة الاستئناف في تفعيل المادة السادسة من نظام تأسيس محكمة الاستئناف الشرعية (تشريع فلسطين 1918-1925)   **   طلب الزوج تأجيل الدعوى لتوقع خروجه من السجن بعد شهر من الموعد المحدد فرفضت محكمة البداية طلبه لكن…..   **  

القيود في القانون الاسرائيلي على احكام الطلاق في الفقه الاسلامي

القيود في القانون الاسرائيلي على احكام الطلاق في الفقه الاسلامي

في الداخل الفلسطيني 1948

(1)

بقلم : أ. رائد عبدالله بدير

بقلم : أ. رائد عبدالله بدير/عضو هيئة العلماء في القدس الشريف

تمهيد

دراسة فقهية قانونية وهي مسلطة بالدرجة الاولى على القيود التي وضعها المشرع الاسرائيلي على أحكام الطلاق وفق الشريعة الاسلامية منذ ان اسس دولته على ارض فلسطين عام 1948 ، حيث ان المحاكم الشرعية في الداخل الفلسطيني استمرت في عملها حتى بعد قيام “دولة إسرائيل”، ومع مرور الزمن اقحم المشرع الاسرائيلي نفسه وتدخل بقوة في احكام الشرع فيما يخص ” أحكام الطلاق” ، ولم يفرق في قوانينه بين حالة وحالة، بل سن قوانين عامة شاملة قيدت مفهوم “الطلاق في الاسلام”  ، وتدخله هذا أثر على سير عمل المحاكم الشرعية عامة ، ولا اريد ان اقول انه اثر على الفتوى في المجلس الاسلامي الاعلى لأنه معطل اصلا ،ولأننا حقيقة لا نملك مرجعية فقهية في الداخل الفلسطيني بمفهوم المرجعيات الفقهية ودور الافتاء الشاملة كدار الافتاء في تركيا او البوسنة او المغرب او الجزائر او مصر او غيرها من دور الافتاء  في الدول العربية والدول الاسلامية، كل ما لدينا هيئات افتاء صغيرة مشكلة من افراد يتبعون جماعة ما او كلية ما او حركة ما او مشايخ مستقلون كل معروف في بلده، ولا يوجد دار تجمع كل هؤلاء تحت سقف واحد على مستوى الداخل الفلسطيني ، ولا علاقة بين المحاكم الشرعية وهيئات الافتاء التي ذكرت. ولا علاقة حتى بين لجنة المتابعة والتي يتفرع عنها لجان كثيرة ، وبين المحاكم الشرعية او هيئات الافتاء على صغرها.   نحن نعاني من غياب سلطة تشريعية اجتهادية اسلامية يمكن ان تتطور القانون الشرعي الذي نحتكم اليه وورثناه من العهد العثماني الا وهو قانون قرار حقوق العائلة ، ونعاني من فقدان دار افتاء موحدة تمتد وتشمل وتمثل كافة شرائح المجتمع الفلسطيني في الداخل، وعلى فرض وجودها ليس لها أي صلاحية في التأثير على القوانين المعمول بها في الاحوال الشخصية. اذن نحن حالة خاصة نحتكم الى الفتوى الاسلامية طالما ان السؤال هو للاستفتاء في الطلاق، ونحتكم الى محاكم شرعية عند النزاع  في قضايا الطلاق ، لكن هذه المحاكم مقيدة بقيود على اثر تدخل المشرع الإسرائيلي في سير عملها.

لماذا نحن فلسطينيو الداخل نحمل الجنسية الاسرائيلية ولماذا يسموننا عرب 1948 او فلسطينيو 1948 او  فلسطينيو الداخل؟

تعتبر فلسطين قبله المسلمين الأولى، إذ كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا معه يتوجهون في صلاتهم نحو بيت المقدس، وظل هذا الأمر إلى ما بعد هجرته  صلى الله عليه وسلم بسبعة عشر شهرا، وفلسطين مسرى رسول الله  صلى الله عليه وسلم ومعراجه، إذ اسري به  صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس وعرج من بيت المقدس إلى السماوات العلى حيث رأى من آيات ربه الكبرى ما رأى([1])، قال سبحانه وتعالى  ) سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (([2])، فهذه الآية الكريمة ربطت ما بين المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد الأقصى بفلسطين مما يدل على منزلة المسجد الأقصى المبارك وفلسطين في الإسلام.

فالآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة وسيرة السلف الصالح لهذه الأمة تبين لنا بوضوح منـزلة فلسطين البلاد المباركة في نفوس المسلمين في شتى أرجاء المعمورة وتعتبر قلب الوطن العربي لأنها تصل الأقطار العربية الآسيوية بالأقطار العربية الأفريقية([3]).

لقد تقاسمت بريطانيا وفرنسا العالم العربي بموجب اتفاقيه سايكس-بيكو سنه 1916 ووقعت فلسطين بموجب هذه الاتفاقية تحت الانتداب البريطاني([4]).

وبتاريخ 2\11\1917 أصدر وزير خارجية بريطانيا آنذاك اللورد آرثر بلفور وعد لليهود بإنشاء وطن قومي للشعب اليهودي على ارض فلسطين([5])، ففي هذه السنة ولدت القضية الفلسطينية  قانونيا، فهي قضية نضال مشروع لشعب باتت أرضه محتلة بحكم بريطاني مباشر ومهدده   باحتلال صهيوني غير مباشر([6]).

وفي تشرين أول  (أكتوبر) سنة 1917 دخلت بريطانيا فلسطين([7]). وفي يوم السبت 29 تشرين ثاني (نوفمبر) 1947 وافقت الجمعية العامة على قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين، بأغلبية 33 صوتا ضد 12 وامتناع عشرة دول، الذي تضمن إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في اقرب وقت وفي موعد أقصاه 1 آب 1948 وسحب القوات المسلحة التابعة للسلطة المنتدبة، وقد رفض العرب قرار التقسيم رفضا قاطعا وقد بينت الهيئة العربية العليا معارضتها على التقسيم للأسباب الآتية :

  1. لقد أعطى قرار التقسيم لليهود الأجانب جزاء ثمينا من بلادهم العربية .
  2. إجلاء الكثير من العرب عن موطنهم .
  3. وضع شعب غريب في قلب الوطن العربي الأمر الذي يهدد الأمن في الشرق .
  4. وضع عرب فلسطين اقتصاديا تحت رحمة اليهود .
  5. جعل مدينة القدس تحت إشراف الأمم المتحدة أي إخراجها من يد العرب([8]).

وبعد قرار التقسيم اندلعت المعارك بين المقاتلين العرب من شتى الأقطار العربية مع أبناء فلسطين من جهة وبين اليهود من جهة أخرى بناء على قرار مجلس الجامعة العربية وممثل عن الهيئة العربية العليا حيث قرروا رفض قرار التقسيم وأخذ التدابير الحازمة لإحباط مشروع   التقسيم وصمموا العزم على خوض المعركة حتى النصر وقد صمد المقاتلون العرب صمودا   مذهلا على الرغم من الأخطاء القيادية والتنظيمية([9]).وفي يوم السبت الموافق 14 أيار (مايو) سنة 1948 أعلن مجلس الدولة المؤقت بلسان رئيسه دافيد بن غوريون الإعلان عن قيام دولة إسرائيل([10]). وقد جاء في إعلان مجلس الدولة المؤقت :

( أرض إسرائيل هي مهد الشعب اليهودي، هنا تكونت هويته الروحية والدينية والسياسية، وهنا  أقام دولته للمرة الأولى وخلق قيما حضارية ذات مغزى قومي وإنساني جامع، وفيها أعطى للعالم كتاب الكتب الخالد، كما وأعلن البيان فتح “دولة إسرائيل” أبوابها للهجرة اليهودية، وكانت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية أول دوله تعترف بالحكومة الإسرائيلية المؤقتة([11]).

وبتاريخ 14 أيار 1948 رحل آخر جندي بريطاني عن مدينة القدس وبذلك زال الانتداب البريطاني عن فلسطين وقامت “إسرائيل” على ارض فلسطين العربية([12]).

وبتاريخ 16\11\1948 اتخذ مجلس الأمن قرار يحمل الرقم 62 يقضي بإقامة هدنة في جميع أنحاء فلسطين([13]) وبتاريخ 24\2\49 وقعت اتفاقية الهدنة الدائمة بين إسرائيل ومصر، وبتاريخ 23\3\1949 تبعتها لبنان وثم الأردن بتاريخ 3\4\1949، وأخيرا وقعت اتفاقية الهدنة مع سوريا بتاريخ 20\7\1949([14]).

وقد ترتب على حرب 1948 النتائج الآتية :

  1. قيام دولة إسرائيل على معظم الأراضي الفلسطينية 77,8 % من مساحة فلسطين([15]).
  2. اهتزاز الهوية والشخصية الوطنية الفلسطينية([16]).
  3. تهجير ما يقارب 940,000 فلسطيني عن أرضهم.
  4. وصول 600,000 مهاجر يهودي إلى فلسطين المحتلة ما بين عام 48-1951([17]).

وبعد قيام إسرائيل على معظم الأراضي الفلسطينية، تم تهجير غالبية أبناء الشعب الفلسطيني، وبقي منهم في “إسرائيل” حوالي 156,000 وقد أصبح العرب في “إسرائيل” في حدود وقف إطلاق النار أقلية تمثل 17% من مجموع سكان “إسرائيل” في ذلك الوقت .

عاش معظم أبناء الشعب الفلسطيني 80% في الريف والقرى الفلسطينية، وعاشت أقلية (20%) في المدن الفلسطينية. وفي عام 1949 ضم المثلث إلى “إسرائيل” بموجب اتفاقيه رودوس.

وهكذا جاءت تسميتنا عند البعض “عرب إسرائيل”، وعند البعض “فلسطينيو 48” وعند البعض “فلسطينيو الداخل”. فالمسلمون الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية حسب تعريف القانون هم ليسوا بأجانب وغيرهم ممن لا يحملون الجنسية الإسرائيلية هم  أجانب،ونحن نتبع للتشريعات الاسرائيلية وما يصدر عن الكنيسيت الاسرائيلي من قوانين يشملنا ويلزمنا ايضا وليس فقط الشعب اليهودي، وهنالك مئات القوانين التي تتعارض مع الشريعة الاسلامية والقومية الفلسطنية ، ومع هذا نحن نحمل الجواز الاسرائيلي والهوية الزرقاء الاسرائيلية، فانا في نظر القانون إسرائيلي ، مع أني مسلم فلسطيني أعيش على ارضي فلسطين، لكن اتفاقية رودوس جعلتني اتصف بهذه الصفة. ومع كل ذلك نعيش حياة مركبة من جميع جوانبها، والى جانب كل هذا نعيش حياة الرباط بكل معانيها، ونمثل رمز الصمود بكل جوهره. ولنا اجتهادات فقهية وشرعية خاصة بنا وفق ظروفنا.

([1]) أبو فارس محمد عبد القادر، شهداء فلسطين 32،33، طبعه الأولى 1990، دار  الفرقان، عمان .

([2]) سورة الإسراء، الآية: 1.

([3]) الدباغ مصطفى مراد، موسوعة بلاد فلسطين 2\17، دار الشفق، كفر قرع / فلسطين، الطبعة الثانية 1988 .

([4]) أبو فارس، شهداء فلسطين 50، الكيالي عبد الوهاب، موسوعة السياسة 572، المؤسسة العربية للدراسات والنشر طبعه أولى 1983.

([5]) المصدر السابق، الحوت بيان نويهض، فلسطين القضية الشعب الحضارة، ص: 456،457.

([6]) الحوت بيان نويهض، فلسطين القضية الشعب الحضارة، ص: 489، دار الاستقلال، بيروت 1991 .

([7]) الكيالي، موسوعة السياسة  4\572 .

([8]) الحوت، القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 575-577.

([9]) الحوت، القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 639، العلمي احمد سعد الدين، حرب عام 1948  17.

([10]) الحوت، القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 640.

([11]) المصدر السابق 640، 641.

([12]) العارف عارف، المفصل في تاريخ القدس، 426، الكيالي، موسوعة السياسة، 572 .

([13]) المرعشلي احمد، هاشم عبد الهادي، الموسوعة الفلسطينية، 530، 533 .

([14]) المصدر السابق، ص: 533.

([15]) الحمد جواد، المدخل إلى القضية الفلسطينية 427، دار البشير للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، عمان 1997.

([16]) الكيالي، موسوعة السياسة 574 .

([17]) المرعشلي، هاشم، الموسوعة الفلسطينية، 4/579.

جميع حقوق هذه الدراسة محفوظة للموقع ……

 
انتباه : لا تعتبر المادة المنشورة في الموقع ولا بأي حال من الاحوال مادة استشارية قضائية ولن تكون المادة بديلاً للأستشارة القانونية والقضائية ...... كل من يستعمل المواد المنشورة في الموقع بأي طريقة فالمسؤولية كلها تقع على مستعملها ولا تكون لأدارة الموقع اي مسؤولية ولا بأي شكل من الاشكال